البلد : الجنس : المساهمات : 1914نقاط النشاط : 1652
موضوع: التكليف بما يستطاع الثلاثاء 28 يوليو 2015 - 11:24
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم ، واختلافهم على أنبيائهم ) رواه البخاري و مسلم .
الشرح
لقد ارتضى الله سبحانه للبشرية الإسلام دينا ، وجعله الدين الخاتم الذي لا يُقبل من أحدٍ سواه ، وكان من سمات هذا الدين قوامه على الأوامر والنواهي ، فهو يأمر بكل فضيلة ، وينهى عن كل رذيلة ، ومن هنا جاء هذا الحديث ؛ ليبين الموقف الصحيح تجاه هذه الأوامر والنواهي.
وقد جاء في صحيح مسلم بيان سبب ورود هذا الحديث ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ) ، فقال رجل : " أكل عام يا رسول الله ؟ " فسكت ، حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو قلت نعم لوجبت ، ولما استطعتم ) ثم قال : ( ذروني ما تركتكم ؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ) ، وفي رواية أخرى : ( ذروني ما تركتكم ) ، فأرشد صحابته إلى ترك السؤال عما لا يُحتاج إليه .
ولا يُفهم من النهي عن كثرة السؤال ، ترك السؤال عما يحتاجه المرء ، فليس هذا مراد الحديث ، بل المقصود منه النهي عن السؤال عما لا يحتاجه الإنسان مما يكون على وجه الغلو أو التنطّع ، أو محاولة التضييق في أمرٍ فيه سعة .
وإذا نظرت إلى منهج الصحابة في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لوجدت أسئلتهم على قسمين :
القسم الأول : السؤال عما قد وقع لهم ، أو أشكل عليهم ، فمثل هذه الأسئلة مأمور بها شرعا ؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد أمر عباده بسؤال أهل العلم ، وها هم الصحابة رضوان الله عليهم قد ترجموا هذا الأمر عمليا ، فقد سألوا عن الفأرة التي سقطت في سمن ، وسألوا عن متعة الحج ، وسألوا عن حكم اللقطة ، إلى غير ذلك .
القسم الثاني : سؤالهم عما يتوقعون حصوله فعلا ، ومن ذلك : ما رواه الإمام مسلم عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا رسول الله إنا لاقوا العدو غدا وليس معنا مدى " ، فقال : ( ما أنهر الدم ، وذكر عليه اسم الله فكُل ، ليس السن والظفر ) ، ومن ذلك أيضا سؤالهم عن الصلاة أيام الدجال ، عندما يكون اليوم كالسنة ، فأجابهم : ( اقدروا له قدره ) .
وفي الحديث إرشاد للمسلم إلىكيفية التعامل مع الأحكام والنصوص الشرعية ، ففي قوله صلى الله عليه وسلم ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) أمر باجتناب كل ما نهى عنه الشرع ، سواء أكان محرما أم مكروها ، وتأكيدا للمعنى السابق جاء التعبير بلفظة ( اجتنبوا ) ، فهي لفظة تعطي معنى المباعدة ، فكأنك تكون في جانب ، والمعاصي في الجانب الآخر ؛ لذلك هي أبلغ في معنى الترك .
أما فيما يتعلق بالأوامر ، فلم نُكلف إلا بما نستطيع ، وما يدخل في حدود الطاقة ، فإذا عجز المكلّف عن أمرٍ ، جاءه الشرع بالتخفيف ، وهذا يدل على يسر الإسلام وسماحته ، كما قال الله عزّوجل : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ( البقرة : 185 ) ، وانطلاقا من هذا المعنى ، استنبط العلماء قاعدة فقهيّة مهمة ، وهي قاعدة : ( المشقة تجلب التيسير ) ، وجعلوها مبدأ ترتكز عليه كثير من الأحكام الفقهيّة .
والملاحظ هنا أن الشريعة قد شددت في جانب المنهيات أكثر من المأمورات ، فعلقت تنفيذ الأوامر على الاستطاعة ، بخلاف النهي ، وذلك لأن الشريعة الغرّاء تسعى دائما للحد من وقوع الشر ، والحيلولة دون انتشاره ، ولا يكون ذلك إلا بالابتعاد عما حرّم الله عزوجل ، ولذلك يقول الله تعالى في محكم تنزيله : { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } ( النور : 21 ) ، فحرّم الأسباب المؤدية إلى الوقوع في الحرام ،ومن باب أولى تحريم الحرام نفسه.
ومن خلال ما سبق ، يتبين لك أيها القاريء الكريم خطأ كثير من المسلمين ، الذين يجتهدون في فعل الطاعات ، مع تساهل عظيم في ارتكاب المحرمات ، فتراه يصوم مع الناس إذا صاموا ، فإذا جنّ عليه الليل لم يتورّع عن مقارفة الذنوب ، وارتكاب المعاصي ، ناسيا - أو متناسيا - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرشدا أمته : ( اتق المحارم تكن أعبد الناس ) رواه الترمذي ، ولا يعني ذلك التهوين من أمر الطاعة ، أو التساهل في أمرها ، لكن كما قال الحسن البصري رحمه الله : " ما عبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه " .
ومن دلالات هذا الحديث أنه يربي المسلم على الجدية في التعامل مع هذا الدين ، كما قال الله عزوجل : { إنه لقول فصل ، وما هو بالهزل } ( الطارق : 13-14 ) ، وهذه الجدّية تدعوه إلى أن يقبل بكليّته على تعلّم ما ينفعه من العلم ، ويجتهد في تربية نفسه وتزكيتها ، مجرّدا قلبه عن كل ما يشغله عن هذا الهدف الذي جعله نُصب عينيه.
وحتى يرسّخ النبي صلى الله عليه وسلم فيهم هذا المبدأ ؛ بيّن لهم خطورة الحيدة عن هذا المنهج الدقيق ، وأثر ذلك في هلاك الأمم السابقة ، والتي تكلّفت في أسئلتها ، واختلفت على أنبيائها ، فكان سؤالهم تشديدا عليهم ، وكان اختلافهم سببا لهلاكهم ، وخير مثال على ذلك ، ما كان عليه قوم موسى عليه السلام ، فإنهم لما طُلب منهم ذبح بقرة ، تنطّعوا في السؤال عن أوصافها ، وتكلّفوا في ذلك ، وكان في سعتهم أن يأتوا بأي بقرة ، ولكنهم أبوا ذلك ، فشدّد الله عليهم ، ولما اختلفوا على أنبيائهم ، لم تقبل منهم التوبة إلا بقتل أنفسهم ، وعاقبهم الله بالتيه أربعين سنة ، والجزاء من جنس العمل .
وأخيراً : نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، والحمد لله أولا وآخرا .
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الجمعة 5 فبراير 2016 - 17:40
يعطيك ربى الف عاااافيه على الطرح المفيد جعله الله فى ميزان حسناتك يوم القيامه وشفيع لك يوم الحساب ......... شرفنى المرور فى متصفحك العطر دمت بحفظ الرحمن
توقيع : سمير العجيلي
منتديات اليمن الراقي http://aameer.7olm.org/
General Mohamed
البلد : الجنس : المساهمات : 9355نقاط النشاط : 9133
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الجمعة 5 فبراير 2016 - 22:35
[b]ليس بغريب عليك هذا التألق المميز كعادتك تعزف الحرووف على اوتار القلووب[/b] [b]فيتعمق بناا الإحساس وياخذنا سريعا إليك ادون الإعجآب[/b] [b]برآئعتك دمت[/b][b] لكل جمييل[/b]
توقيع : General Mohamed
قوانين المنتدى| للشكوى ضد الفريق الخاص من هنا | للشكوى ضد الاعضاء من هنا وكم من أسم يشبه أسمي ولكن لآيوجد مثلي...
AmEr AlIbDa3
البلد : الجنس : المساهمات : 583نقاط النشاط : 814
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الأربعاء 10 فبراير 2016 - 18:13
بارك الله فيك
توقيع : AmEr AlIbDa3
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا زائر أرجو منك التشرف بزيارة منتداي والتسجيل فيه والمشاركة إذا كان ممكناً
منتديات بنك المعلومات : http://bank.ahlamontada.com/
وشكراً .
saad design
البلد : الجنس : المساهمات : 16130نقاط النشاط : 17654
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع السبت 9 أبريل 2016 - 14:19
جزاك الله خير
توقيع : saad design
منتدى طريق التطوير يرحب بكم , www.t-altwer.yoo7.com
almaldin
البلد : الجنس : المساهمات : 5748نقاط النشاط : 6841
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الإثنين 5 سبتمبر 2016 - 10:16
سلمت الايادي علي الطرح الجميل دمت في حمي الرحمن
توقيع : almaldin
http://almsoft.sudanforums.net/
abuahmad
البلد : الجنس : المساهمات : 7393نقاط النشاط : 8165
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الثلاثاء 6 سبتمبر 2016 - 15:48
بارك الله فيك
وجعله فى ميزان حسناتك
توقيع : abuahmad
سارع وشارك بمسابقه صوره واجمل تعليق 100 اعتماد جائزه اسبوعيه http://www.alanwar10.com/t5044-topic امتلك منتدى VB بدون اى شروط فقط ضع طلبك باقسام التصميم بمنتدى الانوار10 شبكة منتديات الانوار10
Saya minatsuki
البلد : الجنس : المساهمات : 18035نقاط النشاط : 19149
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الأربعاء 21 سبتمبر 2016 - 16:38
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ألف شكر لكَ على هذا الموضوع المميز و المعلومات القيمة إنـجاز أكثر رائــــــع لكن أرجو منكَ عدم التوقف عند هذا الحد مـنتظرين ابداعتــــــك دمتـ ودام تألقـك
تحياتــي
VaMoS AmR
البلد : الجنس : المساهمات : 22620نقاط النشاط : 24228
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الأحد 26 فبراير 2017 - 2:57
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين صالح الاعمال
اسامه العراقي
البلد : الجنس : المساهمات : 3807نقاط النشاط : 3854
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الإثنين 27 فبراير 2017 - 16:46
جزاك الله كل خير طرح رائع يحمل الخير بين سطوره ويحمل الابداع في محتواه سلمت يمينك
توقيع : اسامه العراقي
¨°o.O ( منتديات الشباب العربي ) O.o°¨
nour aliman
البلد : الجنس : المساهمات : 11609نقاط النشاط : 15633
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الإثنين 15 يناير 2018 - 21:26
شكرا للموضوع القيم
بارك الله فيك
فى انتظار جديدك
تحياتى
توقيع : nour aliman
https://wahetaleslam.yoo7.com/
AsHeK EgYpT
نائب المدير
البلد : الجنس : المساهمات : 12171نقاط النشاط : 3681الأوسمة :
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الأربعاء 13 مايو 2020 - 1:20
البلد : الجنس : المساهمات : 3551نقاط النشاط : 3490
موضوع: رد: التكليف بما يستطاع الخميس 8 يوليو 2021 - 2:33
سلمت أناملك/ي الذهبية عالطرح الرائع الذي أنار صفحات منتدى الاشهار العربي بكل ماهو جديد لكِ مني أرق وأجمل التحايا على هذا التألق والأبداع والذي هو حليفك/ي دوما" أن شاء الله