الخوف من الموت والعذاب ، ووساوس الشيطان في العقيدة
كاتب الموضوع
رسالة
anouarsoft
البلد : الجنس : المساهمات : 512نقاط النشاط : 1316
موضوع: الخوف من الموت والعذاب ، ووساوس الشيطان في العقيدة الخميس 5 مارس 2015 - 15:43
أنا فتاة عمري 25 عاماً ، محجبة ، وأحافظ على الصلاة ، وأقرأ القرآن ، ولكني منذ فترة وأنا أعاني ، حيث أني وبمجرد أن أستيقظ من النوم أبدأ أفكر في جهنم ، وأني سوف أموت في النهاية ، وسيكون مصيري النار ، ثم تطور الأمر إلى أن بدأت أشك في مصداقية الدِّين ، والقرآن ، والرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن كل هذا قد يكون غير حقيقي ، وأني قد أدخل النار حتى لو لم أقترف جرماً ، وبالرغم من أني أعرف أن هذا التفكير كفر بالله ، ورغم أني أستغفر الله دائماً ، وأجتهد في ديني أكثر حتى أثبت : إلا أني لا أستطيع طرد هذه الأفكار ، خاصة بمجرد الاستيقاظ من النوم مباشرة ، حيث أشعر بعدها بتعب ، وإرهاق ، وارتخاء بالأعصاب .
الحمد لله أولاً : نسأل الله تعالى أن يبارك فيك أيتها الأخت الفاضلة ، وأن يزيدك إيماناً ، ويثبتك على دينه . واعلمي أن الخوف من الموت والعذاب أمران مطلوبان شرعاً ، وعواقبهما حميدة ، إذا كان هذا الخوف دافعاً لصاحبه للإكثار من الأعمال الصالحة ، وللتزود لما بعد الموت ، وأما إن كان هذا الخوف دافعاً لليأس والفتور والقنوط وترك العمل : فإنه من الوسواس - والعياذ بالله – ليزرع الشيطان في قلب صاحبه الشك من الآخرة ، ثم الإنكار والجحود ! وما الذي يجعل الإنسان يكره الموت ؟ إنهما – غالباً – أمران ، أحدهما مذموم ، والآخر محمود ، فأما المذموم فهو تعلقه بالدنيا ، وأما المحمود فهو الرغبة بالازدياد من الخير ، والشعور بالتقصير في حال أنه لقي ربه على حاله تلك . ولكي يعالج السبب المذموم : فإن عليه أن يعلم أن الدنيا متاع زائل ، وأن الآخرة هي دار القرار ، والسعادة الأبدية ، وبذا لن يتعلق قلبه بفانٍ على حساب دائم ، ولن يركن إلى زائل على حساب باقٍ . قال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران/ 185 . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : هذه الآية الكريمة فيها التزهيد في الدنيا بفنائها ، وعدم بقائها ، وأنها متاع الغرور ، تفتن بزخرفها ، وتخدع بغرورها ، وتغر بمحاسنها ، ثم هي منتقِلة ، ومنتقَل عنها إلى دار القرار ، التي توفَّى فيها النفوس ما عملت في هذه الدار ، من خير وشرٍّ . ( فمن زحزح ) أي : أُخرج . ( عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) أي : حصل له الفوز العظيم من العذاب الأليم ، والوصول إلى جنات النعيم ، التي فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . ومفهوم الآية : أن مَن لم يزحزح عن النار ويدخل الجنة : فإنه لم يفز ، بل قد شقي الشقاء الأبدي ، وابتلي بالعذاب السرمدي . " تفسير السعدي " ( ص 159 ) . فلا تجعلي خوفك من الموت سبباً لتدهور حالتك الصحية ، وازدياد قلقك ويأسك ؛ فإن هذا عين ما يريد الشيطان أن يناله منكِ ، ويحب أن يراه فيكِ ، وهو انتصار له على إرادتك ، وإيمانك بالله . وكل مخلوق فهو لا يدري متى تُختم حياته بالموت ، ولذا فإن الواجب على المسلم أن يتزود بالتقوى ، ويستعد للرحيل ، فربما حانت ساعته أو قربت وهو في غفلة : روى البخاري (6416) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي فَقَالَ : ( كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ ) . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ : إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ !! وقال الشاعر : تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليل هل تبقى إلى الفجر ثانياً: أما ما يراودك من أفكار سيئة في التوحيد والعقيدة : فهذا من الوسوسة ، وهو من كيد الشيطان ، يريد صرفك عن الاعتقاد السليم ، ويريد صدك عن العمل والطاعة ، وقولك " لا أستطيع طرد هذه الأفكار " : غير مقبول منكِ ، بل أنت تستطيعين ، وما عليك سوى اللجوء إلى الله ، والاستعانة به ، لطرد تلك الأفكار ، وللتخلص من تلك الوساوس ، واعلمي أن كيد الشيطان ضعيف ، كما قال ربك تعالى ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ) النساء/ من الآية 76 ، لكنه – للأسف – يجد محلا ضعيفاً ، ومستقراً هزيلاً ، فيحط رحله فيه ، ولو أنك حافظتِ على الأذكار الصباحية والمسائية ، وعلى ورد من القرآن ، وحافظت على الفرائض ، وأكثرت من النوافل : فلن يجد هذا الشيطان المريد مكاناً يحط رحله فيه ، بل سيجد ما يخزيه ويسوؤه ، لذا فعليك أن تباشري بذكر الله تعالى بعد استيقاظك من النوم ، بذكر الدعاء الوارد في ذلك ، وأعقبي ذلك بالاستغفار والاستعاذة ، ولو جعلتِ بجانبك مسجلاً فيه شريط لقارئ يقرأ القرآن تشغلينه بعد استيقاظك ودعائك : لرأيتِ خيراً إن شاء الله ، ولدُفع عنك كيد الشيطان ووسوسته . فإياك أن تستسلمي للأفكار المردية ، وإياك أن تسترسلي معها ، وقوِّي قلبك بالإيمان قبل أن تأتيك ، فإن جاءت فاطرديها بالذكر والاستعاذة . وبشارة لك أختي الفاضلة : أن مجيء الشيطان بتلك الأفكار السيئة لك ، وتألمك منها : فيه تزكية لك ، وهو يدل على تحليك بالإيمان ، وأن الشيطان ما جاء لك إلا لصرفك عنه . وهذا سؤال وجوابه لأخت لك ، وفي مثل عمرك تقريباً : سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله - : أنا فتاة في العشرين من العمر ، مؤمنة ، ولله الحمد ، أعاني من مشكلة الوساوس ، وعلى وشك الجنون من هذا المرض النفسي الذي عانيت منه ثلاث أو أربع سنوات ، ولم أفلح أن أدفعه عني ، أريد أن أعرف : هل يسلط الله على عباده هذا الشيطان الرجيم امتحانًا لهم أم ماذا ؟ والذي لا يستطيع دفعه ؛ ماذا عليه أن يفعل ؟ . فأجاب : في الحقيقة أن الوسوسة مرض خطير ، وهي من كيد الشيطان لبني آدم ، يريد بذلك مضايقتهم ، وتضليلهم ، وإشغالهم عن طاعة ربهم ، ولهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من هذه الوسوسة ، وأنزل في ذلك سورة كاملة . قال تعالى : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ . إِلَهِ النَّاسِ . مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ . الَّذِي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النَّاسِ . مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) الناس / 1 إلى آخرها . فهذا الشيطان له وسوسة مع بني آدم ، ويشتد ذلك في حق المؤمنين ، ولكن يعالج بأمرين : 1. أن المؤمن لا يلتفت لهذه الوسوسة ، بل يرفضها رفضاً تامّاً ؛ لأنها من الشيطان ، ولا تضره . 2. أن يشتغل بذكر الله سبحانه وتعالى ؛ لأن المؤمن إذا اشتغل بذكر الله ابتعد عنه الشيطان ، ولهذا قال سبحانه وتعالى في حقه : ( الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ) الناس/ 4 ؛ أي : أنه يوسوس للعبد مع غفلته عن ذكر الله ، ويخنس - أي : يبتعد - عنه عندما يذكر العبد ربه عزّ وجلّ ، ولهذا وصفه أنه وسواس خناس . والذي أنصح به للسائلة ولأمثالها أن تعمل بهاتين الخصلتين ، وهما : أولاً : عدم الالتفات لهذه الوسوسة ، وعدم الاكتراث بها والانفعال معها ، ثم تزول بإذن الله ؛ لأن الإنسان إذا أعطاها اهتماماً والتفت إليها : زادت ، وتمكن منه الشيطان . الثاني : الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ، وتلاوة القرآن ، والاستعاذة بالله من الشيطان ، وقراءة آية الكرسي والمعوذتين ، وتكرار ذلك ، وبهذا يزول بإذن الله . " المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 342 ، 343 ، السؤال رقم 509 ) . وانظري ـ أيتها الأخت للأهمية ـ جواب السؤال رقم (98295) . على أنه ، إذا قدر بقاء تلك الوساوس بعد اجتهادك في الأذكار والرقى الشرعية ، وشغل نفسك بطاعة الله ، وما تحتاجين إلى عمله من أمر الدنيا ، بحيث لا يبقى عندك فراغ لهذه الوساوس ، إذا قدر أنك فعلت ذلك ، وبقيت معك تلك الوساوس أو شيء منها ، فيمكنك هنا أن تعرضي حالك على طبيب مسلم ثقة ، ولعله يعالج لك ـ بإذن الله ـ ما بقي من دائك . وانظري تفصيلات مهمَّة في هذا الباب في أجوبة الأسئلة : ( 10160 ) و ( 39684 ) و ( 62839 ) و ( 25778 ) و ( 12315 ) . والله أعلم
OuSsaMa BeDdAi
البلد : الجنس : المساهمات : 16334نقاط النشاط : 15810
موضوع: رد: الخوف من الموت والعذاب ، ووساوس الشيطان في العقيدة الإثنين 27 يونيو 2016 - 1:54
بارك الله فيك عزيزي
استمر بطرح مثل هذه المواضيع
الراقية .. يعطيك الف عافية
اجمل تحية
توقيع : OuSsaMa BeDdAi
Dismiss suspicion, and replace it with trust
Ghostface
البلد : الجنس : المساهمات : 4961نقاط النشاط : 5155
موضوع: رد: الخوف من الموت والعذاب ، ووساوس الشيطان في العقيدة الإثنين 27 يونيو 2016 - 11:22
موضوع مُميز , شكرا ~
توقيع : Ghostface
، إذا كان الله معنا من يسَتطيع أن يكون ضدنا . . حياكم الله بـ منتدى طويق
AL-SUBAIE
البلد : الجنس : المساهمات : 11298نقاط النشاط : 12200الأوسمة :
موضوع: رد: الخوف من الموت والعذاب ، ووساوس الشيطان في العقيدة الجمعة 1 يوليو 2016 - 13:13
موضوع مُميز , شكرا ~
saad design
البلد : الجنس : المساهمات : 16130نقاط النشاط : 17654
موضوع: رد: الخوف من الموت والعذاب ، ووساوس الشيطان في العقيدة الإثنين 11 يوليو 2016 - 10:01
موضوعع مميز وجميل جزاك الله خير
توقيع : saad design
منتدى طريق التطوير يرحب بكم , www.t-altwer.yoo7.com
Saya minatsuki
البلد : الجنس : المساهمات : 18035نقاط النشاط : 19149
موضوع: رد: الخوف من الموت والعذاب ، ووساوس الشيطان في العقيدة الثلاثاء 12 يوليو 2016 - 22:32
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ألف شكر لكَ على هذا الموضوع المميز و المعلومات القيمة إنـجاز أكثر رائــــــع لكن أرجو منكَ عدم التوقف عند هذا الحد مـنتظرين ابداعتــــــك دمتـ ودام تألقـك تحياتــي
nour aliman
البلد : الجنس : المساهمات : 11609نقاط النشاط : 15633
موضوع: رد: الخوف من الموت والعذاب ، ووساوس الشيطان في العقيدة الأربعاء 6 ديسمبر 2017 - 15:54
بارك الله فيك
ونفع بك الامه اسعدك الله في الدارين ورزقك الجنان دمت بحفظ الله